رمضان موسم لتجديد التوبة 

رمضان موسم لتجديد التوبة 


الخطبة الأولى: 
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله 
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }[آل عمران: 102].
 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }[ النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }[ الأحزاب70 ـ 71].
أما بعد : 
فإن أحسن الكلام وخير الكلام كلام الله وأحسن الهدي وخيره هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
معاشر المسلمين الصائمين : 
إن شهر رمضان موسمٌ مبارك يوفق الله سبحانه وتعالى فيه عصاة المؤمنين للتوبة ومن لم يوفق لذلك فهو دليل انتكاسة وسوء معاملة مع الله فإن العبد في هذا الشهر قريب من ربه تبارك وتعالى ولا تغتر أيها العاصي بستر الله عليك فإن الله يحلم وربما يعطي العبد وهو قائم على المعاصي والذنوب ، وهذا يعتبر استدراج ومكر من الله قال الله جل وعلا :{ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)}[القلم: 44ـ45] 
                 سبحان مـن يعطـي ونخطـئ دائمـاً        ولا يزل مهما هفا العبد عفا 
                يعطي الذي يخطي ولا يمنعه جلاله        مـــن العـطــا لـذي الخـطــا 
أيها المسلم: إنك تعيش في فرصة ذهبية إنك تعيش في أيام وليال هي من أفضل أيام الدنيا إنه شهر رمضان شهر الخير والبركات شهر القرآن شهر التوبة والغفران وشهر العتق من النيران فهيا هيا أيها المسلم لتقبل على ربك في شهر كريم فتكون لديه من المقبولين ومهما بلغت ذنوبك عبد الله فإن الله يغفرها ولا يغفرها فقط بل يبدلها حسنات تكرماً وتفضلاً يقول المولى سبحانه بعد أن عدد كبائر الذنوب والآثام ثم بين عظيم قدرته وبعد ذلك كبير عفوه قال جل وعلا : {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) }[الفرقان: 68ـ 70].
 وقال سبحانه: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }[الزمر53]  فمهما بلغ من الذنب فإن الله يغفره إذا أقبل العبد على ربه إقبالاً صحيحاً فإن الله يغفر الذنب ويتجاوز عن الزلة ويغفر الخطيئة ويبدل مكان ذلك حسنات تفضلاً وتكرماً يقول الله في الحديث القدسي : { يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم }( ).  ويقول سبحانه: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً }[نوح10].
 فاستغفر لذنبك أيها المسلم وادخل على ربك في شهر مبارك فإن الله على مدار العام يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها( ).
 وهكذا ما دمت في وقت الإمهال أما التوبة التي تكون في مضايق الأمور ما تسمى بتوبة لجأ فإنها توبة غير مقبولة إن تاب المشلول بعد أن شلت أركانه توبته غير مقبولة كان ينبغي أن يتوب ما دام في زمن الصحة وفي زمن العافية والنشاط والإرادة وهكذا عند الغرغرة لا تنفع التوبة( ).
 أيضاً فلا بد أن تكون التوبة وأنت في وقت النشاط والجدية ليكون ذلك دليل اقتناع والله يناديك عبد الله يقول سبحانه: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[النور31].
 ماذا تريد بعد ذلك عبد الله ؟ لو بلغت ذنوبك ملئ الأرض ثم ارتقت إلى عنان السماء فاستغفرت ربك غفر الله لك الذنوب جميعاً( ) الله يغفر الذنب ويتجاوز عن الخطيئة ويقبلك أيها المسلم ولكن بشرط التوبة 
                 قدم لنفسك توبـة مرجــوة   قبل المعاد وقبل حبس الألسن ر بها غلق النفوس فإنه   ذخـر وغنــم للمنيب المحســن 
وإذا تبت يا مسلم وجدت راحة وانشراحاً وجدت صفاء عقل وروح وذهاب هم وغموم فإن التوبة تولد انشراحاً للعبد بخلاف الذنوب والمعاصي فإنها أوباء تقود صاحبها إلى الهلاك والله إنها تقوده إلى الهلاك ففي هذه الدنيا ذليل وهو معذب عند الإحتضار ومعذبٌ وهو على النعش وتطارده المعصية إلى القبر فيتعذب في قبره وتطارده إلى عرصات القيامة فلا تنفك عنه حتى تدخل معه النار عياذاً بالله {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}[الملك:10ـ 11] .
فالعاصي لا يحترم عقله ولا يفكر تفكيراً صحيحاً فلو فكر تفكيراً صحيحاً لما رضي بشهوة ساعة ثم حلت به الآلام ربما مدى الأزمان وعلى الدوام على مرور الليالي والأيام رب شهوة ساعة أبكتك دهراً طويلاً فكثير من المسلمين يشتكون الآهات والأوجاع والأحزان من المسلمين من يشتكي وهو هناك إما في المنفى بحيث لا يقربه أحد المرضى مصاب إما بالإيدز وإما بالسيلان أو بالقروح والأوجاع وآخر بالجذام ما الذي ولد هذا ؟ ولدتها الذنوب والمعاصي فالذنوب أخطر من الحيات وأخطر من الثعابين وأخطر من كل عدوٍّ متربص فالذنوب هي التي تهد البدن وهي التي تفكك الأسر وهي التي تفرق بين الأحباب وهي التي توجب الشحناء والبغضاء ، الذنوب هي التي تسبب سخط الرب فإن الله يغضب ويغار أن يزني عبده أو تزني أمته أو أن ترتكب المحرمات( ) في شهر رمضان أو في غيره من الشهور والأعوام فيا أيها المسلم الكريم رمضان موسمٌ للتوبة لتجديد العهد مع الله ومن فاته فقد حرم خيراً كثيراً دعا عليه الرسول بالخسران ففي مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ارتقى نبينا ثلاث درجات فقال : آمين يؤمن ثلاثاً فقال الصحابة : على ما أمنت يا رسول الله قال:{رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما  فلم يدخلاه الجنة}( )
دخل رمضان وهو قائم على الذنب وانصرف رمضان وهو لا زال على ذلك الذنب فرسول الله يدعو على من كان هذا حاله يقول : رغم أنف امرئ ومعنى رغم من حيث اللغة أي التصق أنفه بالرغام وهو التراب ومعنى ذلك إهانة واحتقاراً وأما المعنى الشرعي فمعنى ذلك أن هذا هالك وخسران يوم أن دخل شهر رمضان ثم انسلخ رمضان ولا زال هذا العبد مصراً على الذنوب والآثام فكان عياذاً بالله من الخاسرين فمن مقاصد الصوم أيها المسلمون التي أرادها الله وأرادها رسول الله وأرادها الإسلام أن يكون هذا العبد تقياً في رمضان فإن الله افتتح آيات الصوم بالتقى وختمها بالتقى ليعلم الصائمون أن الله يطالبهم بأن يكونوا من الأتقياء بأن تتوب قلوبهم وتتوب عقولهم وأن تتوب جوراحهم وأن تتوب أنفسهم فيعقدوا مع رب العالمين صلحاً في شهر رمضان.
واعلم أيها المسلم أن توبتك لا تكون مقبولة إلا بستة شروط :
فالشرط الأول أن تقلع عن الذنب.
 الشرط الثاني أن تندم على ما فات فإن رسول الله يقول : { الندم توبة }( ).
 وأما الشرط الثالث فالعزم المؤكد الذي لا يحملك على أن تعود إلى الذنب.
وأما الشرط الرابع فالإخلاص في تركك للذنب تتركه وأنت قادر تتركه وأنت قادرٌ مختار ليتحقق فيك مشيئة الله وإرادة الله وخوف الله وخشيته.
والشرط الخامس : الصدق مع الله في تركك للذنب.
والشرط السادس إن كنت قد اغتصبت حق مسلم فعليك إرجاعه إن أخذت عليه مالاً إن أخذت عليه أرضاً إن أخذت شيئاً من الحقوق فتحلل من أخيك المسلم وكم من قضايا في هذا الباب فمحاكمنا وقضاتنا إنما هم يشتغلون في مثل هذا ، فكم من المغتصبين وكم من المعتدين الظالمين كم من الذين أبكوا اليتامى والأرامل والضعفاء في أخذ حقوقهم !
 هذه فرصة بين يديك تحلل عبد الله يقول صلى الله عليه وسلم :{ لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء}( ).
هذه محكمة رب العالمين يكون فيها القصاص للشياة والأبقار وما شابهها من الحيوانات وهي عجماوات ليست بمكلفة فما بالك أنت يا ابن آدم وقد كلفك الله بشرع بعث الله إليك الرسل وأنزل عليك الكتب وأقام عليك الحجة قال ربنا سبحانه : { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }[النساء165].
 ويقول صلى الله عليه وسلم:{ من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه }( ) هذه الشروط لا بد منها وهذا رجل ممن كان قبلنا أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي فقتل تسعة وتسعين نفساً عياذاً بالله قاده الشيطان إلى أن يقتل تسعة وتسعين نفساً فتأملوا كرم وعفو الله فذهب هذا الرجل يسأل عن أعلم أهل الأرض فدلوه على عابد كان يظنه عالماً فإذا به عابد لا يجيد الفتوى ولا يجيد أن يصدر أحكام الله عن معرفة ودليل فقال له : أيها الرجل قتلت تسعة وتسعين نفساً فهل لي من توبة ؟ قال : لا ليس لك توبة فغضب الرجل وقد ألف الدماء فقتله توفية لمائة نفس ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدلوه على عالم فقال له : قتلت مائة نفس فهل لي من توبة ؟ قال له : من يحول بينك وبينها ؟ من يحول بينك وبين التوبة ؟ ولكن إنك بأرض سوء فاخرج من قريتك هذه واذهب إلى قرية أخرى فإن فيها أناساً صالحين فاعبد الله معهم فلما كان الرجل صادقاً في الإقبال على الله وقد خرج من بلدة السوء فلما كان في موسطة الطريق قبض الله روحه ثم نزلت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط لأن العبد المؤمن إذا مات نزلت له ملائكة من السماء بيض الوجوه وأما العاصي والمنافق فتنزل ملائكة سود الوجوه من النار معهم كفن من أكفان النار وحنوط من أحنطتها فبعث الله ملكاً في صورة آدمي ليكون مصلحاً بين الملائكة فقال لهم : قيسوا المسافة من الأرض التي خرج ومن الأرض التي هو قادم إليها فأوحى الله إلى تلك الأرض أرض السوء أن تباعدي وإلى أرض الصلاح أن تقربي فقضي به لملائكة الصلاح والحديث حدث به من لا ينطق عن الهوى محمدٌ صلى الله عليه وسلم ثابت بالسند الصحيح في صحيح البخاري( ) وهو من أحاديث رياض الصالحين في باب التوبة.
هذا العبد حينما أقبل على الله كانت هذه النتيجة أن كان من أهل الجنة وذلك أنه أقبل على الله إقبالاً صحيحاً أقبل على الله إقبالاً بإخلاص وإتباع فكان هذا الجزاء جزاءٌ من جنس العمل فإذا أقبل العبد على ربه ولا زال في وقت الفسحة وفي وقت الإمهال قبل الله ذنوبه يحكى عن رجل من بني إسرائيل عصى الله أربعين عاماً وقبل ذلك عبده أربعين عاماً ثم نظر صورته في المرآة وقد خط الشيب في لحيته فقال : رب أطعتك أربعين وعصيتك أربعين فهل إن عدت إليك تقبلني فناداه منادٍ : أطعتنا فقربناك وعصيتنا فأبعدناك فإن عدت إلينا قبلناك .
فالله يقبلك عبد الله يقبلك ويفرح بإقبالك أشد من  إقبالك على من ينتظر غيبتك أشد فرحة من زوجة تنتظر زوجها الغائب أو من أم تنتظر ابنها متى يعود من غيبته.
 جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في السبي بعد معركة من المعارك وهو ينظر إلى السبي إلى الأمهات والأبناء إلى الجواري والإماء يتأمل فيها وإذا بامرأة تبحث عن طفلها الرضيع الصغير فلما وجدته أخذته وألصقته على صدرها ثم أعطته ثديها فقال صلى الله عليه وسلم:{ أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ . قلنا لا وهي تقدر على أن لا تطرحه فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولده}( ). وجاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح }( ).
 أرأيت لو أُخذت سيارتك ثم بحثت عنها يمنة ويسرة كيف يكون الحال ثم بعد ذلك تجدها فجأة إنك تفرح كثيراً فالله أشد فرحا بتوبتك أيها العبد إن أقلعت عن الذنوب والمعاصي والآثام إن استبدلت رفقة السوء برفقة الخير إن استبدلت برامج الإجرام ببرامج الخير وبرامج فلاح إن حاسبت عينك وما تنظر وأذنك وما تسمع وبطنك وما ينزل فيه وفمك وما ينطق وفرجك وأين يلج وتحاسب نفسك محاسبة الشريك لشريكه أنت الرابح عبد الله
 يقول سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)}[الحشر:18ـ 22]. 
اللهم بارك لي ولكم في القرآن العظيم وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم 
 هذا ما قلته لكم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم فاستغفروه يغفر لكم . 
الخطبة الثانية: 
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً : 
أما بعد : 
معاشر المؤمنين: هذه رسالة من مكتب الأوقاف إدارة المساجد ألزم بها المكتب الخطباء والوعاظ في هذا اليوم أن يبينوا للناس بعض ما يهمهم وما يعنيهم وها نحن نأخذ بعض ذلك فنبينه : 
أولاً : يشكر رئيس الجمهورية حينما أصدر العفو العام عن جماعة الحوثي( ) وهكذا عن الذين قاموا بالشغب والمظاهرات فتشكر الحكومة الممثلة برئيسها والله سبحانه وتعالى يقول: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }[آل عمران134].
 فهذا العفو هو لصاحبه فالله سبحانه وتعالى يأجره عليه خيراً كثيراً ، كذلك أيضاً لا ينبغي لشخص أن يقوم بمثل هذا فإن بعض المسلمين ربما نظر إلى بعض الأفلام التي فيها إما مظاهرات أو خروج عن النظام والقانون أو خروج عن بعض الحكومات فيظن أن هذا أمرٌ جائز أنت في دولة مسلمة فبما أنها تأمرك بطاعة الله اتبعت وإن أمرتك بمعصية فلا سمع ولا طاعة( ) كذلك أيضاً فيما يتعلق بوحدة الصف ونبذ الفرقة فنحن أيضاً في شهر مبارك نضرب فيه أروع الأمثلة في باب الإتحاد والائتلاف فينبغي أن نستفيد من هذا الإجتماع الحاصل في شهر رمضان عند الإفطار وعند الإمساك وعند الصلوات والله سبحانه وتعالى يقول: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً }آل عمران103]. 
أما ما يتعلق بزكاة الفطر وزكاة العروض التجارية وما يتعلق بالزكوات فقد كانت خطبة مخصصة لذلك ومصارف الزكاة مذكورة في القرآن الكريم( ) فإن طلبتها الحكومة المسلمة وجب على المسلمين أن يسمعوا وأن يطيعوا فيدفعوا زكاة أموالهم لمن طلبها منهم وعلى هؤلاء الآخذين زكاة المسلمين أن يتقوا الله في المعاقين وفي الشحاذين وفي المتسولين وأن يقضوا على هذه الظاهرة وجب على المسلم أن يطيع وأن يسمع لدولته فيهب زكاته لهم ووجب على الحكومة أن تتقي الله في رعاياها وأن تجعل لهؤلاء الشحاذين والمتسولين حلولاً( ) فإني لا أعلم دولة كهذه الدولة يكثر فيها المتسولون والشحاذون إلا أن يكون في بلاد الهند فإنه قد حدثنا أن هناك كثيراً من الشحاذين وذلك لكثرة سكان تلك البلاد فهذا أمر من الأهمية بمكان وهكذا أيضاً ينبغي على سائقي السيارات أن يتقوا الله سبحانه وتعالى في سياراتهم من السرعة وعدم رفع الأصوات بالهون أو ما يسمى بالبوري فإن ذلك يسبب إزعاجاً وإيقاظاً للنائمين وللمرضى في المستشفيات والعيادات وما إلى ذلك ، كذلك أيضاً ينبغي للمسلم أن يمنع أولاده من الألعاب بالعيارات النارية سواء كان ذلك بالآليات أو بالمسدسات أو ما يسمى بالقريحات هذه الطمش وما إلى ذلك فإن هذه تسبب أشياء ربما تعود عاقبتها وخيمة ، كذلك بعض الآباء يهملون أبناءهم إما في نهار رمضان أو في ليل رمضان فلا يدري ابنه أين يمشي ولا يدري أين ابنته ربما أين تمشي ربما يسمح لها فتخرج من مكان إلى آخر فيجب على الآباء أن يتقوا الله عز وجل في بناتهم كذلك بعض الأبناء يخرج إلى بعض الحارات فيحرق بعض الكفرات ويلعب ببعض الألعاب النارية وأبوه بمعزل إما أن يكون مخزناً في بيته أو ذهب إلى مكان آخر فما ضر رب هذه الأسرة أن يبقى مع أولاده في رمضان فيعلمهم ويؤدبهم 
                 وينشـأ ناشـئ الفتيان فينا    على ما كان عوده أبوه
                وما دان الفتى بحجاً ولكن    يعلمـه التديــن أقــربوه ( )
وفق الله المسلمين والمسلمات لما يحبه ويرضى وأخذ بنواصينا جميعاً للبر والتقوى اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب56] 
عباد الله : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }[النحل90].
اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون وأقم الصلاة .

.